الأربعاء، 4 مايو 2011

اشكالات وقضايا مركزية في بحث النموّ (3)

null
4) تفاعل أم خمول؟ السؤال هو هل الطفل عنصر خامل ومتؤثر من المحيط على شكل تلقي تحفيز ورد فعل، أم أنه يأتي بالجديد ويسعى جاهدا وراء التجربة والمغامرة. اليوم تقريبا ليس هناك اختلاف حول الموضوع، وكل الباحثون يميلون الى التوجه التفاعلي. بياجيه يدعي أن فهم العالم على يد الطفل هو ليس نسخة طبق الأصل له، انما يقوم الطفل ببناء نسخته الخاصة من العالم، يضيف بنفسه فرضياته الخاصة ويبادر الى التفاعل مع التحفيزات.
5) فروقات ما بين ثقافية- في الأبحاث السابقة كان هناك تجاهل للسياق الثقافي، لكن في أيامنا فانه يتم اجراء البحث في أكثر من بلد واحد وسياق ثقافي واحد، كي يتم التمكن من فحص الظواهر فيما اذا كانت متعلقة بثقافة معينة أو هي عالمية كونيّة. مثال على ظاهرة متعلقة بالسياق الثقافي هو”الاعاقة” – فهي ظاهرة يقوم فيها الوالدين بتوفير الظروف والاطار الذي يمكن من خلاله استخلاص القدرات الكامنة وبالتالي مساعدة الطفل في القيام ببعض النشاطات. فاذا ما قامت أم مثلا بتفريغ سلة فيها حاجيات من أجل أن يقوم الطفل بملئها مجددا، فان الأمهات في بعض الثقافات تشجع الطفل المعاق على القيام بالمهام بنفسه بينما تفضل أمهات في ثقافات أخرى في التنفيد المشترك للمهام.
6) هل الصفات تظل ثابتة؟ السؤال في الحقيقة هو هل تصرف معين الذي ظهر في فترة زمنية معينة في حياة الطفل يظل مرافقا له حتى في المستقبل؟ الأبحاث تظهر على أن هناك ثبات نسبي للصفات، ولكن في بعض الأحيان يتم التعبير عن هذه الصفات بأشكال متعددة في أجيال مختلفة (مثلا العنف يكون جسديا لدى الأطفال وعند البالغين يكون كلاميا). لهذا من المهم جدا الانتباه الى كيفية قياس صفات معينة وما هو العامل المتغير(المتحرك)، لأنه أحيانا يلعب التعريف الخاص بالتصرف دورا في اتخاذ القرار على الصفة ثابتة أم تغيرت أو اختفت. بشكل عام فان الابحاث تثبت أنه اذا تم قياس صفة معينة في أجيال لاحقة فان هناك احتمال كبير أن نجد الصفة ثابتة.
7) أي التجارب التي يعيشها الطفل أكثر أهمية- تجارب الماضي أم الحاضر؟ نظرية االتعلم الاجتماعي لا تنسب أهمية كبيرة للجيل الذي تحدث فيه التجربة، انما لمجموع التجارب المتراكمة لدى الطفل. من جانب آخر، فان هناك ادعاء أن التجارب الحديثة التي تودي الى نتيجة أخرى مختلفة من تجربة سابقة حدثت في الماضي، فان الحديثة ونتيجتها لها أفضلية لدى الطفل، والتجربة السابقة تنمحي. اريكسون في المقابل فانه يدعي أن هناك أهمية أكبر للتجارب التي حدثت في الماضي بحيث أن كل مرحلة تطورية متؤثرة من المرحلة السابقة ومعتمدة عليها. نظرية التأقلم الخاصة ببولبي هي أيضا تدعي أن هناك أهمية لتجارب الحاضر ولكن بصورة خاصة لتجارب الماضي. وفق ما يقول بولبي فان الطفل يفسر الحالات الجديدة اعتمادا على توقعات سابقة من نفسه ومن الآخرين، ولكن أحيانا قد يحدث تغيير على اثر أحداث جديدة. في كل مرحلة عمرية يقدر الطفل على الاختيار بين عدة مسالك للتقدم وفقها، ولكن في اللحظة التي اختار فيها مسلكا معينا فان الامكانيات المستقبلية ستكون محددة أكثر وفقها.
مترجم بتصرف عن محاضرات في علم نفس النموّ

ليست هناك تعليقات: